تلك المنى التي هي مطلع نشيد "أم الجامعات" (المنى عندنا، ثوبها أخضر باسم أردننا، اسمها يكبر). ها هي تحضر ببهجة وثقة، مع مئوية الدولة، وكأنها تحتفي بمنابر المعرفة، وبالعقول المبدعة، احتفاءها بأشجار السرو، وقباب العلم، ومعها يكبر الحلم والإنجاز، مقترنا بالوطن، لتكون "الجامعة الأردنية"  أهم وأولى مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي، ومدماكا أساسيا لإنجازات الدولة التعليمية منذ تأسيسها.

 

ومناسبة هذا الفخر ما كان من تكريم الجامعة الأردنية لنخبة من باحثيها الذين حققوا انجازات على المستوى العالمي، وباعتراف مؤسسات بحثية مهمة في الإطار العلمي والبحثي والأكاديمي، وفي هذا بناء جسر حضاري لافت فيه ثقة بذاتنا وبلغتنا وبتفكيرنا وبانتاجنا العلمي، هكذا يمكن قراءة هذا التكريم، ومعه المنجز، الذي حققه علماء وأكاديميون هم بيننا في الجامعة الأردنية ، وهو تكريم مستحق، يصدر عن مؤسسة تعلي من شأن الإبداع والبحث العلمي وتمتلك ثقة عالية بدورها وتاريخها وباحثيها، وهي على مشارف دخول الستين عاما من عمر تأسيسها، وضمن إحتفاء الوطن بمئوية تأسيس الدولة الأردنية .

 

وفي ذات السياق يسجل لإدارة الجامعة الأردنية اختيارها مكانا خارج أسوار الجامعة لهذا الإحتفال ، وكأنها تريد للوطن كله أن يحتفي معها بالعلماء والباحثين والمبدعين، فيكون الحفل والتكريم قريبا من وسط العاصمة، في جاليري رأس العين، حيث ذاكرة وتاريخ عمان، فمن هناك، وعلى مرمى التفاتة، نتلمس زخم الحضارة والفنون والتكوين الأول قبل قرون كثيرة، هناك أثر تماثيل عين غزال، وعنفوان عمون في تجلياتها الأولى، وزهو فيلادلفيا، ومراحل تشكلات معمارية وفنية وفضاءات حضارية عبر ازمنة نابضة بالحياة والإبداع تتجلى في حضن عمان؛ المدرج الروماني، وجبل القلعة، وسبيل الحوريات، والمسجد الحسيني، والجبال السبعة التي كانت تسجل وثيقة المعرفة والحياة وإرادة العطاء والإبداع، وفي هذا النسيج شهادة على تلك العلاقة الراسخة بين أم الجامعات، وبين تاريخ المكان، وعطاء الإنسان، وكأنها تدّون حوارية وسردية فيها استمرارية لحركة التاريخ، بعزم وعطاء، وتنمية وتطوير، ففي المستقبل علم ومعرفة، وفي زخم المكان حضارة وتاريخ، ورسالة تأتي في سياق الحفل الفني الراقي، والتكريم العلمي الوازن، رسالة وطن تقول إن هنا عمان، هنا الأردن، وهنا علماء وباحثون وفنانون ومعان متعددة للحياة والجمال، هنا الجامعة الأردنية.

 

نستبشر خيرا بهذه النخبة من العلماء والباحثين الذين كرمتهم إدارة الجامعة

الأردنية ، ولهذا التكريم رمزيته، في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى الإنتباه الى بؤر نور، ومؤشرات ايجابية، علينا أن نعززها، في مواجهة حالة الإحباط واليأس والسلبية، فتحية للجامعة الأردنية ولرئيسها، ولمركز الدراسات الاستراتيجية، ولعمادة البحث العلمي، ولكل القائمين على هذا الإحتفاء الحضاري والراقي بنخبة من العلماء والباحثين الذين حققوا حضورًا عالميًا رافعين اسم الأردن معرفة وعلما وبحثا، فسلام عليهم وعلى "أم الجامعات"، الجامعة الأردنية.